مقالات

«لا لغسيل السيارات بإسراف ولا لرش المياه أمام المحلات ولا للإفراط فى مياه الاستحمام»، والتقليل من مياه الوضوء بما يكفى الحاجة فقط وتحديد المياه المستخدمة منزليا بقدر الإمكان، فانفجار أى ماسورة يتسبب فى إهدار مياه قد لا يجدها الكثيرون ناهيك عن المزروعات التى تحتاج الكثير من المياه التى يجب الاستغناء عنها، حمامات السباحة وملاعب الجولف وغيرها.. فكلها مظاهر تدل على الإسراف فى المياه الذى يصل إلى حد الإهدار. حيث تقدر الإحصاءات والتقارير الصادرة فى مصر أن حجم الفاقد من المياه من مصر بنحو 40% من المياه بسبب سوء الاستهلاك، وهو ما يعادل 3,2 مليار متر مكعب سنويًّا من المياه بعد تكلفة نفقات تنقيتها ونقلها، بالإضافة إلى أن 5,2 مليار متر مكعب من المياه مهدرة سنويًّا من السد على الملاحة وتوليد الكهرباء، وبذلك يكون جملة الفاقد من مياه النيل تصل إلى حوالى 29 مليار متر مكعب، بنسبة تزيد على 52% ولا يتبقى للمواطنين سوى 5,26 مليار متر مكعب سنويًّا، بمعدل 350 مترًا مكعبًا فقط سنويًا للفرد!.
وتشير الإحصاءات إلى أن غسيل السيارات بـ''الخرطوم'' يستهلك حوالى 300 لتر فى كل غسلة، بالإضافة إلى أن غسيل أرضيات المنازل بنفس الطريقة تستهلك أكثر من 90 لترًا، بينما إذا ما تم الاستخدام بالمسح العادى فإنه يستهلك 18 لترًا، بالإضافة إلى أن استخدام ''السيفون'' الحديث فى المنزل يستهلك 15 لترًا، واستخدام ''الدش'' عند الاستحمام يستهلك 20 لترًا، بينما ''البانيو» أكثر من 140 لترًا.

وتوضح أيضًا أن حجم إهدار الماء كبير عند تنظيف الأسنان، أو حلاقة الذقن بشكل خاطئ يزيد من الهدر، بالإضافة إلى أن استعمال الخلاطات والحنفيات بطيئة الغلق تؤدى إلى هدر حوالى 30% من المياه المستهلكة، بالإضافة إلى أن استخدام الغسالات القديمة يستهلك على الأقل 100 لتر من المياه، بينما الحديثة تستهلك 25 لترًا فقط.

ويؤكد الدكتور أنور الديب أستاذ بحوث المياه بالمركز القومى للبحوث فى دراسة أعدها أن حجم المياه المهدرة بسبب سوء سياسة إدارة المياه سواء لتخبط السياسة الزراعية أو بسبب شبكات مياه الشرب المتهالكة، أو الإسراف المتعمد أو لسبب الفشل فى إعادة تدوير مياه الرى الصناعى بالمعالجة فى أعمال التبريد حيث أوردت الدراسة أن نسبة الفاقد فى مياه الشرب تصل إلى 75%.. فإذا كان الإنتاج الكلى لمياه الشرب يصل يوميا إلى 5,15 مليون متر مكعب فإن الفاقد يقدر بنحو 5,11 مليون متر مكعب بتكلفة تصل إلى 5,7% مليون جنيه يومى.. كما تشير الدراسة إلى أن فاقد المياه فى وحدات الإنتاج يصل إلى 35% بينما المعدل العالمى لا يصل إلى10%، كذلك الفاقد فى شبكة التوزيع وهو الفرق بين كمية المياه فى بداية الشبكة ونهاية الشبكة يصل إلى50% بينما المعدل العالمى 12%،

أما بالنسبة لفاقد الاستهلاك بالمبانى فيصل إلى20% بينما المتوسط العالمى لا يزيد على 10%. ويضيف قائلاً: إنه مع بداية القرن العشرين عام 1907 كان عدد سكان مصر حوالى 11 مليون نسمة ومتوسط نصيب الفرد وصل إلى أكثر من 4400م3 من المياه، وقد وصل عدد السكان بعد قرن من الزمن- عام 2007- إلى حوالى 75 مليون نسمة مما أدى إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد إلى أقل من 800م3، وهذا يعنى أن السكان تضاعفوا 8,5 مرات خلال القرن، بينما انخفض متوسط نصيب الفرد أكثر من 5,4 مرات خلال نفس الفترة.

لافتا إلى أن الزراعة فى مصر تستهلك حوالى 85% من مياه النيل، وتبعاً لأرجح البيانات فإن الفاقد من إجمالى المُنصرف من السد العالى وحتى وصول المياه إلى الحقول يصل إلى 35% أى حوالى 4,19 مليار متر مكعب، إضافة إلى 2 مليار متر مكعب نتيجة البخر، و 8,2 مليار متر مكعب تمتصها الحشائش المائية، كما أن أساليب الرى بالغمر تعتبر إهدارًا لقدر كبير من هذه الموارد المائية. لأنه يهدر 6 أضعاف الرى بالتنقيط.

ويقول د.أحمد محمود شعبان أستاذ ميكروبولوجيا المياه إن هناك الكثير من الوسائل التى من الممكن أن تساعد على الاقتصاد فى المياه وتقليل الفاقد منها، وذلك من خلال الترشيد فى استخدام مياه (السيول، والأمطار، والخزانات)، بالإضافة إلى إزالة ملوحة مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف، وتطهير المجارى المائية، وتقليل البخر، والتخزين فى البحيرات، واستخدام الطاقة الشمسية والنووية.

لافتا إلى أن الدراسات أثبتت أن المياه التى تخرج من المحطات لشبكة النقل والتوزيع الممثلة فى مواسير المياه من أكبر الموارد التى تعمل على هدر المياه؛ حيث يسبب الضغط على الشبكات انفجارًا فى تلك المواسير بمعدلات متقاربة كل عدة أشهر تضيع معها عشرات آلاف الأمتار المكعبة من المياه، وأن كل 12 ملعب جولف فى مصر تكفى احتياجات 180 ألف نسمة من المياه بالإضافة إلى أن الأجهزة المنزلية الموجودة داخل الحمامات والمطابخ تهدر حوالى 3 أمتار مكعبة داخل كل منزل؛ ما يصل إلى 500 مليون متر مكعب سنويًّا.